اسليدرالاسلامياتمقالات واراء

أسرار ” حصوة فى عين اللى شافنى ومصلاش على النبى “

احجز مساحتك الاعلانية

متابعة : عادل شلبى
بقلم : الاستاذ الكبير محمد خليفة

و “عين الحسود فيها عود”
و”عضَّة أسد ولا نظرة حسد”
و”دارى على شمعتك تقيد” ..
“وخمسة وخميسة فى عين العدو”
تعالوا نستعرض معاً الحكاية منذ ايام ما قبل التاريخ ، وفى عصور القدماء المصريين، وفى وقتنا الحاضر ، نبحر فى قلب التاريخ القديم ، لنعرف سر الخرزة الزرقاء وعلاقتها بمنع الحسد ، وهل هي حقيقة ، أم اعتقاد؟!
محمد خليفة

فمن الشائع بيننا أنّ بعض الناس يميلون إلى الاعتقاد بقوى خفية شريرة تُسبب لهم الأذى والضرر، لذا يلجأون إلى بعض التمائم والطلاسم والتعاويذ لدرء اللعنات والحماية منها، ولا يقتصر ذلك الاعتقاد على عادات شعوب بعينها فى فترة زمنية محددة، حيث لا يخلو مجتمع من معتقدات دينية وأسطورية عن قوى الشر ووسائل سحرية للحماية والوقاية منها، وأحد أشهر هذه المعتقدات وأكثرها تقبّلًا وانتشارًا هو العين والحسد، والخرزة الزرقاء التي تُبطل سحر قوى الشر الخفية.

واطلق على التميمة فى عصر ما قبل التاريخ كلمة “مكت حعو” بمعنى حماية الاعضاء و “وجاو” بمعنى الشفاء وكلمة ” سا ” بمعنى الحراسة وايضا ” نهت” بمعنى الحرز او الوقاية .

ومن المعروف عند قدماء المصريين أنَّ شكل ونوع ولون التميمة كان له فاعلية كبيرة فى نجاح الغرض المصنوع من أجله التميمة، فمثلاً اللون الأزرق كان لتفادى الحسد والشر وهو مازال مستخدماً الى يومنا هذا، وكذلك اللون الأبيض الذى يدل على الصفاء والطهر ومصر العليا .

وكذلك أعتقد المصرى القديم فى مادة صنع التميمة ،وأنَّ بعض منها له قوة خفية، وتشير بردية كتبت بالخط الديموطيقى، نشرها ” شبيجل برج” يقول النص “ورقة الجميز تحتوى على أشياء نافعة ومن عنده الفضة يشفى ويمتلك الممتلكات” ووضع المصرى القديم التمائم فى القبور وذلك لحمايته من أخطار العالم السفلى ، معتقداً أنه كلما زاد عدد التمائم كلما توفر له الحماية وسهلت دخول روحه وجسده الى حقول النعيم” ايارو”..

وتعد النماذج التي عثَر عليها في مقبرة “توت عنخ آمون”، وأيضًا في مقابر “تانيس” من أفضل ما يمثل التمائم، وهناك أنواعًا مختلفة من التمائم في عهد المصريين القدماء فنجد تمائم في صورة آدمية منها الإله مين، الإله بتاح، الإله أوزير، الإله حور الطفل، الإله آمون، الألهة إيزة، الألهة نبت حت، الألهة نيت، تماثيل الأوشبتي، وهناك تمائم تمثل أكثر من إله منها تميمة إيزة وحور وشو وتفنوت وإيزة ونفتيس وحور والثالوث الأوزيرى وأولاد حور الأربعة ، وتمائم في صورة أعضاء آدمية منها تميمة الرأس الأدمية والوجه والأذن والقدم والثدي واللسان، تميمة القلب، تميمة الأسنان، إلى جانب تمائم الرموز الملكية منها تميمة التاج الأبيض والتاج الأحمر والتاج المركب والصولجان والنحلة والكوبرا.

و أن هناك تمائم على شكل حيوانات وأجزاء حيوانات منها تميمة سمكة البلطي والسلحفاة والضفدع والتمساح والقرد والبقرة والأسد والأرنب والخنزيز والقطة، كما هناك تمائم علي شكل حشرات منها تميمة الجعران والذبابة والجرادة، وعلى شكل طيور وأجزائها منها تميمة طائر العظمة وطائر الرخم وريشتي النعام.

و أنه تم الكشف عن تمائم في صورة كائنات مركبة منها تميمة مقدمتي أسد و ثور وخنزير والجعران المجنح والإله بس، إلى جانب متنوعات من التمائم منها تميمة صولجان البردى والحياة والجمال والختم والهلال والأصداف والقواقع.

وتمثل العين المرسومة على الخرزة الزرقاء، شكل تميمة تقوم بدرء الشر وتحصّن حاملها من المخاطر على حد اعتقاد البعض بذلك.

وتختلف الروايات حول تفسير رمز الخرزة الزرقاء، حيث يُعتقد أن الشعوب السامية التي سكنت أطراف البحر المتوسط هي التي رسمت الكف التي تحمل العين الزرقاء، بهدف ترهيب الرومان الذين استعمروا بلدانهم في حقبة من التاريخ، وربما كانت العيون الزرقاء هي ما ميَّز الرومان عن الشعوب المستعمرة آنذاك، وهو تعبير صريح عن رفضهم للمستعمر الجديد، فكانوا يحملون عصيًا في أعلاها ذلك الرمز المخيف الذي يهدد باقتلاع أعينهم، أو يكتفون بتعليقه على أبوابهم؛ وفيما بعد أصبحت رمزًا للحماية من كل شر، يحملونها في أعناقهم كقلائد أو يعلقونها على جدران منازلهم.

ويرجع أصل الخرزة الزرقاء إلى عصور القدماء المصريين، الذين كانوا يخافون من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، ويرفضون وجودهم على الأراضي المصرية.

وكشف الباحث “سيريل ألدريد”، في كتابه “مجوهرات الفراعنة”، أن الحُلي التي كانت تُستخدم لتزيين الرقبة أو العنق تطورت إلى شكل بدائي يتمثل في تلك التعويذة التي كانت تتدلى من خيط أو رباط يحيط بالعنق، والتي استخدمها الإنسان البدائي ليقى نفسه من القوى الخفية الموجودة في الطبيعة، والتي كان يعتقد أنها ترسل عليه الأعاصير والفيضانات والبراكين والزلازل، وتصيبه بالأمراض.

ويذكر “ألدريد” فى كتابه أنَّ أكثر التمائم شيوعاً واستخدامًا بين المصريين القدماء كانت التميمة أو الرقية المصنوعة من الخرز، وأنه لم تكن هناك أمَّة من أمم العالم القديم كله مثل مصر التى صنعت هذا القدر العظيم وهذه الكميات الهائلة من الخرز، لشعورهم بالجانب الجمالى في أشكال وألوان تلك المواد الطبيعية، إلى جانب اعتقادهم في القوى السحرية لتلك الخرزات؛ واختار المصريون القدماء اللون الأزرق لارتباطه بزرقة السماء التى تسبح فيها الشمس ، رمز الإله “رع ” عند المصريين ، وتعيش فيها الآلهة وتحمي الإنسان وتباركه

فيما يُرجَّح البعض أن للأسطورة صلة بطقوس السحر التي تؤمن بأن لكل عدد ولكل حرف خصائص ودلالات، فالعدد خمسة وكف اليد بهما ذبذبات طاقة الدفاع التي تمنع الأذى عن جسم الإنسان، أو ما يخصه إذا ما دفعت في وجه الحسود، وفي بعض المجتمعات العربية تدفع المرأة بكف يدها ،بعد الأصابع الخمسة فى اليد الواحدة في وجه من تظن أنه يضمر الحسد لها، فتنطق باسم العدد “خمسة” ومضاعفاته أو أى كلمات مرتبطة به، كقولها “خمسة وخميسة”.

انتشرت الخرزة الزرقاء فى معظم البلدان العربية بزعم
انها تقى من الحسد والسحر وخلافه والامور التى ما انزل الله بها من سلطان نجدها منتشرة فى كل مكان بالمنازل،
وقد ذهب جمهور العلماء الى ان تعليق الخرزة الزرقاء من باب التمائم وهو نوع من انواع الشرك ، وهو محرم في الاسلام.

وفقاً للموسوعة المصرية، تاريخ مصر وآثارها، الجزء الأول المجلد الأول، فإن العين الحارسة، فى مصر استمدت من عين حورس وهى لقب ارتبط بحرب أسطورية نشأت بين الإله حورس والإله ست فتمكن ست من فقء عين الإله حورس إلا أن حورس وبعينه الزرقاء الوحيدة تمكن من قتل ست “إله الشر”، وكثير من التمائم حتى الآن جاءت على شكل عين حورس الزرقاء الصافية، إله السماء والنور والخير.

ورغم أن حورس إله الحب لا الشر، فقد وردت فى النصوص المصرية القديمة تحديداً فى النص رقم 246 من متون الأهرام: ” إنَّ حورس بعينيه الزرقاوين يواجهك. احم نفسك من حورس ذى العين الحمراء”. وهذا يعنى أن اللون الأزرق له خاصية دفع الشر.

وفى الديانة اليهودية تعتقد أن العين الصالحة الغير حاسدة تشير إلى النية الحسنة واللطف تجاه الآخرين، وأى شخص يمتلك هذه الصفة سيشعر بالسعادة عند نجاح أي من زملائه، وسيتمنى الخير للجميع، ولكن العين الحاسدة هي على خلاف ذلك،

وهناك العديد من اليهود المتشددين الذين يتجنبون الحديث عن ممتلكاتهم الثمينة، أو أحداثهم السعيدة، وبالأخص يتجنبون التحدث عن أطفالهم وذلك خوفاً من العين، وإذا ذكر أي منها فإن المتكلم أو المستمع سيقول: “بالعين حارة” وهى باللغة العبرية تعني بدون حسد، أو “كين عين حارة” وهي بلغة “اليديش” اللهجة الألمانية تعنى بدون حسد.

كما أنه تم اقتراح الوصية العاشرة التي تقول: “لاتطمع بأى شيء هو ملك لقريبك” ، وهو عبارة عن قانون ينص على منع حسد الآخرين وإصابتهم بالعين.

وقد حرم النبى صلى الله عليه وسلم استخدام الطلاسم أو الرموز للحماية من الإصابة بالعين لأنها تصنف كعبادة للأوثان، وأمر باللجوء إلى الله وطلب الحماية منه، لتفادي إصابة أحد ما بالعين فغالبية المسلمين يقولوا “ماشاء الله” و”تبارك الله” عند الإعجاب بشي ما، وكذلك قراءة سورة الفلق وسورة الناس من القرآن الكريم تعتبر وسائل للتحصين ضد العين.

المراجع :
1- كتاب “الإغريق والحسد” 1978- المؤلف “بيتر والكوت”
2- الزمخشري أبو القاسم جار الله محمود بن عمر- الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار الفكر، القاهرة، 3/307
3- الموسوعة المصرية، تاريخ مصر وآثارها، الجزء الأول/ المجلد الأول

احمد فتحي رزق

المشرف العام

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button